Tuesday, September 01, 2009

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي أنعم علينا بشهر الذي على مُكرما، وغدى من بين الشهور معظّما، شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، شهر الذي فيه ليلة خير من ألف شهر. فصل يا ربنا وسلّم على خير البشر، حبيبنا وقدوتنا وقرة أعيننا، رسول هذه الأمة، سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلم وعلى آله أصحابه والتابعين أجمعين.

أما بعد:
فأحييكم بتحية الإسلام ألا وهي: السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
أحمد الله و أشكر الله على إكرامه لنا على أن نستقبل الشهر المبارك في الأرض المباركة، ثم أنعم علينا بأن نسمع المواعظ والنصائح والفوائد من أحد خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وأصحابه وسلم في العلم، العلامة الشيخ عبد الجليل العطا البكري. وذلك في يوم الثلاثاء 27 شعبان 1430 الموافق ب 18/8/2009م.
فهذا الشيخ الذي بين أيدينا منسوب إلى الصحابي الجليل سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه. وقد أخذ الشيخ العلم من عدة كبار العلماء، أبرزهم:
العلامة الشيخ صالح الفرفور رحمه الله تعالى.
العلامة الشيخ محمد أبو اليسر عابدين رحمه الله تعالى.
العلامة الشيخ عبد الرزاق الحلبي حفظه الله تعالى.
العلامة الشيخ أديب الكلاس حفظه الله تعالى.
ثم لقد أكرمني الله سبحانه وتعالى بتوكيل من إخوتي أن ألخّص ما بلّغنا فضيلة الشيخ في ذاك اليوم. فوصلت إلى ثمان نقط رئيسيات. فإليكم تلك النقط :
نحن طلبة العلم عباد الله المختارين من بين عبيده
لقد انتقانا الله من بين قبائلنا ومن أسرنا ومن مدننا رسلا إلى تحصيل العلم التي هي شرف الدنيا والآخرة. فلما اختارنا الله ليجعل فينا علمه سبحانه وتعالى، أراد بنا بذلك خيرا كثيرا، فمنها أن نكون نوابا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وأصحابه وسلم. فالنائب يجب أن يحمل عمن ينوب عنه من سمته ودينه وأخلاقه ومعاملته ومعاشرته وغير ذلك.والله عز وجل جعل العلماء خزائن علمه، فهم الأنبياء أولا ثم خلفاؤهم أي: من بعدهم من طلبة العلم.
كيفية تحصيل العلم الكثير في الوقت القليل
نحن الذين في بلاد الشام، لقد أتينا من أماكن بعيدة، ثم أتينا إلى وقت محدود. فالمكان بعيد والوقت محدود والعلم كثير والتحصيل القليل. فلابد لنا أن نوازن بين هذه الأشياء الأربعة، أي: لابد أن نوازن بين الرسالة التي يجب أن نحملها أو نحمل أكبر قدر ممكن فيها وبين الوقت الذي لا يسمح لنا إلا بشيء قليل منها.
إذن ما يجب أن نحصله من العلم كثير، والذي بين أيدينا من الوقت قليل، فكيف يمكننا تحصيله؟فالجواب: أمامنا ركنان أساسيان يجب علينا أن نتمسك بهما.
الركن الأول: التوفيق الإلهي.
وذلك بالتوسل إلى الله سبحانه وتعالى أن يفتح علينا. فهذا التوسل إما أن يكون بالحبيب الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، وإما أن يكون بالدعاء، وإما أن يكون بطلب الدعاء من الوالدين ومن المشايخ ومن الملائكة.
فكيف يكون الدعاء من الملائكة؟
الجواب: بأن ندعو لإخوتنا بظهر الغيب، فيقول الملائكة حينئذ: "ولك مثل ذلك."
فلما جاءنا الفتوح، كان الوقت القليل يأخذ الكثير. فهذا هو معنى الفتوح.
الركن الثاني: الأوقات التي نغتنمها.
فالأوقات التي نغتنمها هي رأس مالنا في طلبة العلم. فيجب علينا أن نستفيد من الوقت الضيق في كل لحظة وفي طرفة عين وفي كل طرقة قلب. فيجب أن يكون لنا في كل ذلك حظ، وذلك إما بذكر الله تعالى وإما بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وإما بتلاوة القرآن وإما بكتاب بين أيدينا. فمن يتمسك بهذين الركنين، يكون الوقت القليل في الحقيقة وقتا كثيرا. فتكون رحلتنا الطويلة من سنغافورة إلى دمشق متناسبة مع النفقة التي أنفقتها والدينا أو التي أنفقتنا، وتكون أيضا متناسبة مع الوقت الذي بذلنا ومع الطموح الذي نسعى إليه.
الوقت هو كل شيء.
لا يختلف أحدنا عن الآخر إلا بمقدار ما يغتنمه من وقته. فلا فرق بين السيد ورعيته وبين الغني والفقير وبين القوي والضعيف إلا بالوقت. فكيف يكون ذلك؟
فالجواب: إنه يغتنم وقته أكثر من غيره، فالقوي يملؤ وقته بالتدريب والغني يملؤ وقته بالتجارة وكسب الأموال. فكذلك العالم، فإنه حصل العلم بإملاء وقته بالقراءة والمذاكرة والمطالعة والمراجعة ونحو ذلك حتى يتميّز عن الجاهل. فالإنسان لا يولد عالما بل يحتاج إلى الوقت، ليحصل فيه العلم.
ثم الإنسان يظن أنه يملك وقته ولكن الحقيقة، الوقت هو الذي يملكه. فالوقت يمر علينا دون أن نعلم أو أن لا نعلم، فعلينا أن نحاسب أنفسنا على الدقيقة.والإنسان مخدوع دائما في حياته بشيء واحد، ألا وهو التسويف. أي: أن يقول لنفسه، سوف أفعل كذا في وقت كذا، سوف أصلي بعد قليل، سوف أراجع الدرس بعد العشاء وغير ذلك. فكلمة "سوف" هي كلمة قالها الشيطان للإنسان ليخدعَه ولينسيَه عن أهمية الوقت. فإذا أردنا أن نملك أنفسنا، علينا أن نجد أنفسنا ونخدع الشيطان بدلا أن يخدعنا، وذلك بإقامة ما نوينا مباشرة وأن ننقطع عن التسويف. فبذلك قد نجحنا في خداعتنا الشيطان.
السَّمت لطلبة العلم
ما يطلب منا كطلبة العلم هو أن نكون ظرفا الذي يليق بعلم الله أن يوضع فيه. فحينئذ نستحق أن نكون من جملة قول الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ((وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاء لطالب العلم ، وإن العالم ليستغفر له من في السماوات و من في الأرض حتى الحيتان في الماء... )) الحديث.
فلماذا تضع له الملائكة أجنحتها و لماذا يستغفر له المخلوقات ؟
لأنه وضع نفسه ظرفا لعلم الله فالملائكة تضع أجنحتها عبودية لله عزوجل ، والمخلوقات تهابونه لعلم الله تعالى الذي فيه. فالناس يكرمونه و يهابونه و يعلونه و يعاملونه على أنه ظرف يحتوي فيه علم الله.
وما المقصود بأن نكون ظرفا لعلم الله ؟
قوله سبحانه و تعالى على لسان نبيه سيدنا محمد صلى الله عليه و صحبه وسلم (( تخلقوا بأخلاق الله ))، فبامتثالنا هذا الأمر يجعلنا ظرفا الذي يليق لعلم الله أن يوضع فيه.
وربما يقول السائل ( أليس كل مسلم يجب أن يتخلق بأخلاق الله ؟ )
نعم، ولكن طالب العلم ينفرد عن الناس كلهم بتمسكه بكتاب الله عز و جل. فيكون طالب العلم مرتبطا مع الله بشيئين : بالتخلق بأخلاق الله و بالتمسك بالقرآن الكريم.
مهمة طالب العلم في هذه الحياة
مهمة طالب العلم كثيرة و على رأسها تعليم القرآن. فهذه الميزة أي : تعليم القرآن، ليست لكل واحد من الناس بل للمختارين من هذه الأمة، لذلك اختارهم النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم فقال (( أشراف أمتي حملة القرآن )). ولم يقل النبي صلى الله عليه وآله و صحبه وسلم حفظة القرآن لأن القرآن محفوظ، الله جل جلاله الذي حفظه و ليس طالب العلم، ولكن الله عز و جل جعله وعاء يحمل فيه القرآن. وقال عليه الصلاة والسلام (( خيركم من تعلم القرآن وعلمه )).
فلما مهمة طالب العلم تعليم القرآن، فهو يفعل ما يفعله ربه. ولقد قال الله تعالى ﴿ الرحمن ¤ علم القرآن ¤ خلق الإنسان ¤ علمه البيان﴾ قدﱠم الله عز و جل تعليم القرآن على خلق الإنسان، فكأنه عز و جل جعل طالب العلم مميزا عن الإنسان بحفظه و تعليمه القرآن. و اعلموا أن تعليم القرآن ميزة ينفرد بها طالب العلم من بين جميع الناس أجمعين.
إحياء شهر رمضان لطلبة العلم الشرعي
مر بنا الكلام على أن طالب العلم ظرف لعلم الله تعالى. فأما شهر رمضان هو ظرف لكتاب الله عزوجل. فشهر رمضان رابط بين طالب العلم و نزول الوحي، قال الله تعالى ﴿ شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن... ﴾ الآية. فشهر رمضان موسم القرآن الكريم، فعلينا أن نجعل القرآن الكريم و شهر رمضان بابا إلى الجنة، و ذلك بكثرة التلاوة و فعل الخيرات.
ثم لما قبلنا رمضان، نمنع أنفسنا من الأكل و الشرب والنساء. فلقد اتصفنا بذلك بصفة الملائكة، إلا الفرق بيننا و بينهم أنهم لا يلهون عن ذكر الله ونحن نلهو عن ذكر الله. فعلينا أن نراقب الساعة ألا نلهو، فالساعة هي التي تنبِّهنا إلى عدم اللهو. ففي كل لحظة و في كل دقيقة وفي كل ساعة و في كل وقت نحن في سبيل مراقبة الله عز و جل. و من كان صاحيا في كل وقته فليعلم أنه بين يدي الله عز و جل كالملائكة بل أفضل، فالمعتمد عند أهل العلم [ خواص البشر أفضل من خواص الملائكة ] فمن باب الأولى يكون أفضل من عوام الملائكة.
وينبغي لطالب العلم أن يعلم أن نهاره وليله و نومه و استيقاظه و صلاته و ذكره و تلاوته و صيامه و حتى لو لهى فلا يكون إلا لرضاء الله عز و جل. و ينبغي له أيضا أن يجعل ليله و نهاره و وقت راحته و استعداده للراحة أو الإفطار وغير ذلك بابا لتذكير ما درس و مراجعة ما قرأ و ما قد حفظ.
و قد لاحظ كثير منا أننا لما ندخل في شهر رمضان، نستمتع بالأوقات التي فيه أكثر من غيره حتى نجد أن اليوم في رمضان كالأسبوع في غير رمضان. فيكون يوم في شهر رمضان خيرا من أسبوع كامل في غيره.
فما السبب في ذلك مع أن الساعات التي في غير رمضان مساو للساعات التي في رمضان!! و أوقات الصلات في رمضان تأتي مساويا لأوقات الصلات في غير رمضان!!
الجواب : لأن في شهر رمضان بركة. فمن أين جاءت البركة؟
من تقدير الوقت و المحافظة عليه و التمسك به. فنحن في رمضان محافظون على أوقاتنا أكثر من محافظتنا إياها في غير رمضان، فنجد أن اليوم في رمضان خير من أسبوع كامل في غير رمضان.
و من المفروض ألا يختلف علينا طلبة العلم رمضان و غير رمضان، و يجب علينا كطلبة العلم أن تكون السنة كلها عندنا رمضان، أي : أن نراقب أوقاتنا مراقبة دقيقة َطوال السنة و ليس في شهر رمضان فحسب.
ولكننا خُدعنا بالشيطان، فالشيطان لا يأمر طلبة العلم بترك الصلاة و لا بالزنى و لا بالسرقة ولكنه لِطلبة العلم طلبات أخرى، بأن يطلب ما هو أفخر لطلبة العلم، فيأمرنا بأن نضيع أوقاتنا بدون فائدة.
ثم يجب لطلبة العلم أن يجعل لشهر رمضان زخرفة و تزيينا. و ما أجمل التزيين لهذا الشهر إلا بتلاوة القرآن و بذكر الله عز و جل و بمراقبة الله عز و جل و بالصلاة على النبي صلى الله عليه و آله و صحبه و سلم. و له أيضا أن يقوم من الليل ما يستطيع و لكن في طلبة العلم. فإن الله أحب كل شيء يتقرب فيه العبد و لكن ما تقرب بأقصى من الفرائض. و لقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم (( طلب العلم فريضة على كل مسلم )). و طلب العلم فريضة التي تنافس كل الفرائض حتى لو كان أمام إنسان العلمُ، فطلبه العلمَ مقدﱠم على صلاة الجماعة.
و في هذا الشهر المبارك ليجعلْ طالب العلم نافلته فريضة. و ذلك بأن ينوي مراجعة ما قد حفظ في صلاة التراويح مثلا، فتنقلب سنيَّة التراويح بذلك فريضة أي: من حيث الثواب. فكذلك في غيرها من النوافل.
لقد كان السلف الصالح لهذه الأمة رضي الله عنهم يقولون في ستة أشهر قبل رمضان (اللهم بلغنا رمضان)، وإذا انقضى رمضان يقولون خمسة أشهر كاملا (اللهم تقبل منا رمضان).
مسؤوليتك يا طالب العلم لدى والديك و غيرهم من إخوتك المسلمين وغير المسلمين في بلدك
أرسلنا أهلنا و هم بحاجة إلينا، وقد أنفقوا علينا المال الكثير لنردﱠ لهم بدل المال علما. فالعلم أغلى و أهم عندهم من المال. فيجب علينا أن نأخذ كل ما وصلنا إليه من العلم هنا حتى نعود إلى بلدنا عالمين فنكف من وراءنا من الأجيال. فبذلك لا ينبغي علينا تضييع الوقت بدون فائدة و قد بذل أبوينا جهدهم في سبيل أن نعود إليهم و قد أصبحنا عالمين. فلو عدنا عالمين، ينسون تكليف المالية التي دفعوها إلينا، و ينسون
المشقة التي تحملوها حينما ابتعدنا عنهم. فعلينا أن نتذكر دائما أن بتضييعنا الوقت لقد غششنا أبوينا. فإنهم أرسلونا طمعا أن نعود إليهم عالمين
مقام العبد عند الله سبحانه و تعالى
قال ابن عطاء الله السكندري ( إذا أردت أن تعرف قدرك عنده فانظر في ماذا يقيمك). فإذا أقامنا الله نجارا أو حدَّادا أوسائقا أو غير ذلك، فذلك مقامنا و قدرنا عند الله عز و جل.
فلما أقامنا الله بنيابة عن رسول الله صلى الله عليه و آله وصحبه وسلم، لقد أقامنا في مقام عظيم حيث قال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم (( العلماء ورثة الأنبياء )). فلصاحب هذا المقام العظيم خصوصية لا تخصها العوام. كما جاء بعض الأعراب إلى سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم سأله عن الصلاة فقال له خمس صلوات في اليوم والليلة. و بعد قليل نظر عليه الصلاة والسلام إلى من حوله فقال إن الله زادكم صلاة إلى صلاتكم ألا وهي الوتر. فسمع الأعراب فقال له ماذا قلت يا رسول الله؟ فقال: اذهب، هذا ليس لك و لا لقومك، هؤلاء أشراف أمتي، هؤلاء خواص أمتي، هؤلاء أهل الله عز و جل لهم ميزة. *(الحديث على المعنى لا اللفظ)
فصلاة الجماعة عند طالب العلم فرض، و تلاوة القرآن عنده فرض، و تعلُّمه فرض بل فوق الفرض أيضا. وليعلم أن طالب العلم في الآخرة يشفع في سبعين من أهله كلهم قد استحق النار. فمرحبا بوصية رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.
الختام من فضيلة الشيخ عبد الجليل العطا
قال: أسال الله عز و جل أن يبعثنا جميعا إخوة متحابين يوم القيامة، و هذا عهد بيننا أن الناجي منا في الآخرة يأخذ بيد أخيه... قبلتم؟....... قبلنا.....

6 comments:

Anonymous said...

mujahadah nak habiskan bacaan ni...tulisannya kecil..tapi masih mncuba...mmbacanya...

zayd said...

yeah kecik..aku paste kat words resize then print baru leh baca.

Anonymous said...

;> betul2..betul abang zayd kata..betul2..

Anonymous said...

kan dah besar tu... lerr

firdaus said...

besar tu tak basar lah brader~~~~ aku paste gak zayd.. tapi aku kian lupe... pc aku takde werd arab.. boring sikit.....

Anonymous said...

braders..can boleh kasi besar je screen pastu bace..tgk kat screen seblah kanan.bawah...yg ade 100% tu...click pat arrow seblah kanan dia tu pastu pilih la saiz secukup rasa